الخميس، 12 سبتمبر 2013


مرضى الإيدز ومخاوف العزلة ان العلاج الدوائي الذي يتكون من كوكتيل (مزيج) من الادوية، يمنح مرضى الايدز متوسط عمر قريب من متوسط العمر الطبيعي لدى الاشخاص الاصحاء. حتى انه من المتبع في السنوات الاخيرة التعامل مع الايدز على انه مرض مزمن.
لا توحي كلمة "ايجابي"، بالنسبة لحاملي فيروس نقص المناعة البشرية -HIV ومرضى الايدز، باي شيء جيد على الاطلاق... تدور العديد من المخاوف في راس الانسان عندما يدرك انه حامل لفيروس الايدز، كما يدرك معظم الحاملين للفيروس في مرحلة ما، ان احد الامور الاكثر صعوبة التي ينبغي مواجهتها هي ردة فعل البيئة المحيطة، والتي لا تقل صعوبة عن التعامل مع الادوية والمشاكل الصحية.
الايدز هو احد الامراض التي تتميز بتكون انطباع سلبي عنها لدى عموم الناس. هذا الانطباع السلبي لا يسيء الى المرضى فقط، والذين يضطرون الى مواجهة تقييمات واراء سلبية مختلفة، بل يسيء ايضا الى الاشخاص المعرضين للاصابة بالايدز- وهم الاشخاص الذين لا يدركون مدى خطورة المرض والذين يتاثرون بالاراء والمواقف السلبية المسبقة.
ينبع الانطباع السلبي عن مرض الايدز، بالاساس، من الربط (الخاطئ) بين الايدز والمثلية الجنسية. ذلك ان الحالات الاولى التي وصفت من الاصابة بمرض الايدز كانت قد حصلت لدى رجال مثليي الجنس. ولذلك تم الربط، بشكل وثيق وقاطع، بين الاصابة بمرض الايدز وبين ممارسة العلاقات المثلية. استغلت الجهات التي تعاني من رهاب المثلية الجنسية هذا الربط بين المثلية وبين الايدز لعزل و"اصلاح" فئة المثليين جنسيا. وعلى الرغم من ان الايدز قد اصاب عددا غير قليل، اطلاقا، من "الغيريين" جنسيا، من الرجال والنساء، واودى بحياة عدد كبير منهم، الا ان هذا الربط السلبي لم يتغير. كذلك، فان حقيقة ان الايدز مرتبط بتعاطي المخدرات (بسبب الاستخدام المتعدد للابر غير المعقمة) لم تضف شيئا جديدا.
لقد كانت نظرة المجتمع الى الايدز تتمثل في انه مرض يصيب المثليين والمدمنين على المخدرات، لذلك لم يلق الاهتمام والحذر المناسبين من قبل فئات المجتمع المختلفة.
حتى في هذه الايام، وبعد ان اتضح بان الوضع مختلف وبان الامر ليس كذلك تماما، لا يزال مرض الايدز يعتبر، في اماكن عديدة، مرضا يدل على سلوك "غير لائق"، او حتى جنائي. وبالاضافة الى كون الايدز مرضا معديا، فقد تكون انطباع اشكالي عنه يصعب على مرضى الايدز وحاملي فيروس نقص المناعة البشرية -HIV الظهور الطبيعي في المجتمع المحيط.
يدفع الخوف من النفور واصدار الاحكام المسبقة والانتقادات غير المنطقية العديد من حاملي ومرضى الايدز الى الاختفاء، العزلة والشعور بالعار. فبالاضافة الى المشاكل الجسدية، يضطر حاملو الفيروس والمرضى الى مواجهة ضغوطات نفسية شديدة.
في كثير من الاحيان، لا يقتصر النفور على البيئة البعيدة فقط، بل يظهر في داخل البيت ايضا. الحالات التي قام فيها الاهل بالتبرؤ من اولادهم والتي قامت فيها العائلات بابعاد ابنها المريض من بين ظهرانيها هي حالات ليست نادرة. قد يؤدي هذا الرفض والاقصاء من اكثر المقربين الى تدهور الحالة الصحية للمريض، وذلك لان معالجة الايدز تعتمد، بشكل اساسي، على المواظبة على تناول الـ"كوكتيل"- وهو المزيج الدوائي الذي يمنع تقدم المرض. قد يعاني المرضى الذين يعيشون في عزلة والذين يواجهون النفور، الرفض والاقصاء من قبل العائلة و/او المجتمع من انعدام اي حافز او دافع لمعالجة انفسهم وتناول الادوية.
كيف نواجه مرض الايدز، اذن؟
في حالة مرض الايدز، يشكل الوعي جزءا لا يتجزا من مواجهة المرض. بمجرد ان يحسن المجتمع الانطباع السائد عن الايدز وفيروس نقص المناعة البشرية -HIV ويمنح المرضى وحاملي الفيروس رعاية عاطفية لائقة، تقل التاثيرات والمضاعفات السلبية المترتبة على المرض، كما قد تزداد احتمالات وفرص منعها، ايضا.
الطريقة الامثل لتحقيق الوعي هي التحدث عن المرض، القراءة عنه والتعرف عليه. هكذا تستطيعون حماية انفسكم، ومن خلال ذلك ستكتشفون انه ليس "من البديهي او المفروغ منه" ان يصدر الحكم بالموت او بالعزلة على جميع مرضى الايدز او حاملي الفيروس.
من اجل الوصول الى هذا المستوى من الوعي من المهم دحض عددا من الاعتقادات الخاطئة السائدة والخطيرة عن الايدز:
المثليون او المدمنون فقط هم الذين يصابون بالايدز: يعتقد العديد من الناس ان المثليين والمدمنين على المخدرات هم فقط الذين يمكن ان يصابوا بمرض الايدز. هذا الاعتقاد هو خاطئ وخطير. من الممكن ان يؤدي اي اتصال جنسي يتم من دون وقاية مع شخص حامل لفيروس الـ HIV او مريض بالايدز الى انتقال العدوى.
المراة التي تصاب بالايدز هي امراة منحلة اخلاقيا: هذا اعتقاد اخر لا يقل خطورة عن السابق، اذ يكفي اتصال جنسي واحد من دون وقاية لانتقال العدوى. ليس بالضرورة ان يكون الشخص الذي يصاب بالايدز مثليا او منحلا. يصعب هذا الاعتقاد كثيرا على النساء ان يظهرن امام الناس كحاملات للفيروس او كمريضات بالايدز، الامر الذي قد يجعل الناس يعتقدون بان هذه المشكلة لا تعاني منها النساء، ولذا فهي لا تثير القلق ولا تستدعي الحذر.
كل اتصال مع مريض مصاب بالايدز هو خطير: هذا الاعتقاد هو احد الاعتقادات السائدة التي ترسخ الانطباع السلبي وتساهم في تكون واصدار الاحكام المسبقة على مرضى الايدز. هذا الاعتقاد هو غير صحيح مطلقا! فسوائل الجسم الوحيدة التي يمكن للفيروس الانتقال عبرها هي السائل المنوي، افرازات المهبل، الدم وحليب الام. بالامكان، بالطبع، معانقة او تقبيل مريض الايدز او حامل فيروس الـ HIV، او الامساك بيده، بالتاكيد، دون ان يكون في ذلك اي مبعث لاي خطر. بل اكثر من ذلك، من المفضل اجراء مثل هذا الاتصال مع المريض من اجل مساندته ودعمه. وقد اثبت عدد لا يحصى من الدراسات ان هناك علاقة طردية مباشرة بين الحالة النفسية الجيدة والمعنويات المرتفعة لدى المريض وبين وضعه الصحي: فكلما كانت حالة المريض النفسية افضل وكلما كانت معنوياته افضل، كان وضعه الصحي افضل. وكما ذكر اعلاه، في حالة مرض الايدز، الذي يتعلق مدى نجاح معالجته بمدى مواظبة المريض، فان الدعم المعنوي الذي يشمل الحضن الدافئ او العناق لشخص حامل للفيروس او الشخص مصاب بالمرض يمكن ان يساعد كثيرا.
لا يمكن العيش مع مرض الايدز: هذا الاعتقاد غير صحيح. على الرغم من انه ليس هنالك، حتى الان، علاج شاف لهذا المرض، الا ان العلاج الدوائي المتوفر اليوم، والذي يتكون من كوكتيل (مزيج) من الادوية، يمنح مرضى الايدز متوسط عمر جيد وغير بعيد عن متوسط العمر الطبيعي لدى الاشخاص الاصحاء. حتى انه من المتبع في السنوات الاخيرة التعامل مع الايدز على انه مرض مزمن.
لا يمكن لمرضى الايدز اقامة العلاقات الزوجية: هذا الاعتقاد غير دقيق. لا تؤدي اقامة علاقة جنسية امنة مع حامل فيروس الـ HIV او مريض الايدز الى انتقال العدوى الى الشريك/ه غير المريض/ه. يستطيع مريض الايدز او حامل فيروس الـ HIV الذي يتلقى علاجا بشكل منتظم ومراقب كما يجب، عيش حياته بكافة تفاصيلها الكاملة، بما في ذلك اقامة العلاقات الجنسية (الامنة طبعا) كما يصلح مريض الايدز لان يكون زوجا/ه في جميع المجالات.
يمكن رؤية الايدز على وجه المريض: هذا اعتقاد خاطئ يقصد به "الجروح"، وهو الانطباع الذي تكون على ما يبدو بتاثير الافلام الهوليودية التي تصف المراحل النهائية من المرض. فكما ذكر اعلاه، اذا ما واظب المريض على تناول العلاج الدوائي المنتظم والمراقب، فمن المرجح ان لا تظهر اية اعراض مرض الايدز الخارجية.
من المهم تنظيم ايام للتوعية حول مرض الايدز، يجب ان تكرس لظهور المرضى امام الناس وللجانب الاجتماعي للمرض. فالجهل والاحكام المسبقة لا تصعب على المرضى والحاملين للفيروس، فقط، انما على المجمتع باسره ايضا، اذ انها تمنع الناس من فحص وحماية انفسهم من المرض.
ومن هنا، فان احتضان مرضى الايدز وازالة الغبار عن هذا المرض هو امر مهم ليس من اجل الصحة النفسية والجسدية للمرضى، فقط، وانما من اجل صحتنا جميعا.
اذا كنتم تعرفون شخصا يحمل فيروس الـ HIV او مصابا بمرض الايدز، فمن المفضل ان تبادروا الى التحدث معه، دون اي خوف او قلق.

إضغط إعجاب لمتابعة آخر الأخبار والحصريات عبر فيس بوك
إضغط إعجاب أو Like وتابع أحدث المنشورات التى تتناول جميع أركان حياتك






0 التعليقات:

ضع تعليقك المناسب على الموضوع


إرسال تعليق